عزيز عتو
ملخص:
سعَى هذا المَقال إِلى تقديم إِجابة كافية
عن الغُربة الوجُودية عند أَبي حيان التَّوحيدي، حوَالي، (.414ه) من خلال
"رسَالة الغريب" التي تَضمنها كتَابه الموسوم بِ: "الإِشارات
الإِلهية، والأَنفاس الروحَانية"، حيث موضُوع خطَاب الرسالة، الغُربة
والغَريب. وَحاولتُ في هذه الدرَاسةِ الكشفَ عن عوَالم الاغترَاب الذي عَاشه أَبو
حيان التَّوحيدي، وبحَثتُ في مظاهر، وتجَليات غُربته الوُجودية. ولقَد جاء مقالُنا
هذا فِي سياق فكري، ارتبط بالكَشف عن القلق الوُجودي، حيث تأَزمت نفسية أَبي حيان
التَّوحيدي فجزع، وأُصيب بفَاجعة الغُربة. وانطِلاقا من مظَاهر الاغترَاب التي
هيمَنت على الخِطاب التَّرسلِي الذي سَندرُسه، سَنكشِفُ عنِ التَّحول الحاصل فِي
شَخصية التَّوحيدي، (.414ه) الذي تفلسف في الغُربة، وأُصيب بالدهشة، وَالحيرة.
فشَخصيته قلقة ومُتمردة، ومُتقلبة المزاج، ومُتفلسفة في الوجُود.
أَما عن إِشكالية
المقال، فقَد جاء كالآتي: ما هي ملاَمح وصُور الاغتِراب الذي تَمَيَّز به خطاب
"رسالة الغَريب" عند أَبي حيان التَّوحيدي؟ وَإِلى أَي حد مثَّل هَذا
الخطاب سِمَات الاغتراب والتَّفلسف، والضَّياع والقَلق عند هذَا الأَديب المُتميز؟
وَما هِي الصُّور والقرائِن الدلاَلية وغيرها، الَّتي كشفت عن تأَزم الذات
وتَشرذمها في الرسَالة نَفسِها؟ في حين، من أَهداف المَقال الكشف عنِ
الغُربة الوجُودية عند التَّوحيدي، وتَبيان حاله، ووَصف ذاته المهزُومة،
المكلُومة، وتَصوير اضمِحلالها، وتشَرذمها... إلخ. اعتَمدتُ
على المنهَجية الاِستِقرائِيَّة الَّتي فَرضَتها طَبيعةُ المقال؛
وَتَطلَّبَتها الدِّرَاسة، فَكانَت المنهجية سَبِيلاً إِلَى الدِّراسَة. وَعليه، فالنَّتائِج المُتوصل إليها كشفت على أَن مرحَلة
إِنتاج الخطاب مثَّلت مُنعطَفا حَقيقِيا تَجسَّدت فيه - بِشكل واضِح - الكثيرُ من
الملامِح والمظاهِر والخَصائِص التِي دلت عَلى تحَول التوحيدي سَواء على مُستوى
الكِتابة عن الغُربة، أَو عنِ التجرِبة الحقيقية الَّتي عاشها، وهي الاغترَاب
الحقيقي في موطنه وَبلده، إِذ سبب له القلق، ووَلد له الحسرة، ودفعه إِلى اللوم
وَالتوجُّع. وَلعَل ذلِك يَرجع إِلى الكثِير مِن الأَسبَاب، سَنُشير إِلى بَعض
مَظاهرها وسَنكشفُ عن تَجلِّياتها بالتفصِيل.
الكلمَات المفَاتيح، فهِي: الغُربة،
الوجُود، التفَلسف، الدَّهشة، التساؤُل.
تعليقات
إرسال تعليق