د. عثمان بالفقيه
الملخص:
يسعى هذا المقال إلى تحليل العلاقة المركبة بين الفن والهوية
الثقافية، من خلال مساءلة قدرة الفن على تمثيل الذات الجماعية، وصياغة الوعي،
وتشكيل الانتماء، وذلك في ضوء التحولات الرمزية والجمالية التي تعرفها المجتمعات. ويُحلّل المقال هذا التفاعل من خلال نموذجين متباينين:
الشعر العربي: بصفته تعبيرًا لغويًا عميقًا عن
الهوية العربية، إذ ظل حاملاً للقيم الجماعية، وناطقًا بوجدان الأمة، منذ الجاهلية
وحتى الشعر المعاصر. وقد مثّل الشعر مجالًا فنيًا يؤسس للانتماء والذاكرة
الجماعية، ويعيد إنتاج الرموز المركزية للذات العربية (كالكرم، الفخر، الصبر،
الأرض...).
السينما الهوليودية الأمريكية: التي
تُقدَّم كآلة رمزية ضخمة لإنتاج الهوية الأمريكية وتصديرها، من خلال نماذج سردية
تقوم على مركزية البطل المتفوّق، وشرعنة التفوق الأمريكي في مقابل
"الآخر" السيء أو البدائي. ويُبرز المقال كيف تتحول السينما من فن
للمتعة إلى أداة للهيمنة الرمزية.
من خلال المقارنة، يُظهر المقال أن الفن ليس حياديًّا، بل يتحدد
وظيفيًا بحسب طبيعة المرجعية الثقافية التي يصدر عنها. فإذا كان الشعر العربي يؤكد
انتماء الذات إلى بيئتها وقيمها، فإن السينما الهوليودية تسعى إلى فرض تمثلٍ كونيّ
للذات الأمريكية عبر صناعة الأبطال والأساطير الحديثة.
ويخلص المقال إلى أن الفن يُسهم بفعالية في تشكيل الهوية الثقافية،
سواء عبر ترسيخها، أو مساءلتها، أو فتح أفق مغاير لتصور الذات في علاقتها بذاتها
وبالعالم. ومن ثم، يدعو المقال إلى إعادة التفكير في النموذج الفني الذي نطمح
إليه، نموذج يزاوج بين الأصالة والانفتاح، ويُعبّر عن الخصوصية دون أن ينغلق على
الكونية.
الكلمات المفتاحية: الفنّ، الهوية الثّقافية، التمثيل الثقافي، الشعر،
السينيما الهوليودية.
تعليقات
إرسال تعليق